التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عتبات العمر... ولحظات الحياة متى أكون سعيدا؟ متى أكون جميلا؟ غدا أو بعد غد؟ كتبه حبيب مونسي.


كلما وصل الإنسان إلى عتبة من عتبات العمر يظن أنه أصبح خبيرا بالحياة وأنه يمكنه أن يدلي بدلوه في شؤونها، وأنها أضحت واضحة القسمات بينة الجهات، يمكنه أن يجري فيها أقاويله بيسر وسهولة، فإذا تغيرت العتبة أو صادفه في مسالكها ما لم يألف شعر بكثير من الخيبة والمرارة ووطن نفسه على فهم جديد، وهو لا يدرك أن الحياة في تقلباتها إنما تتحول هي الأخرى بحسب أحواله وسياقاته التي تكتنفه. كما أنه ينسى في كثير من المواقف أن للحياة سنن يجريها خالقها من فوق كل قانون ومن فوق كل احتمال وأنها هي الأخرى تجري لمستقر لها مهما بلغت حكمة البشرية من الرقي أو مهما وصلت في سيرها إلى الحضيض والانحطاط..
شيء ما في عتبات العمر يوحي للإنسان أنه بلغ مبلغا من العلم، وأشياء أخرى في مجرى الحياة تريه من مفاجآتها أنه لم يدرك شيئا على الإطلاق. وأن تقدمه فيها، وسعادته مرهونة باللحظة التي يعيشها فقط، فإن أحسن فيها صنعا كانت له وإن أساء كانت عليه.. لا شيء في العمر يشي بأننا سنكون أحسن حالا غدا أو بعد غد.. إن لم ندرك أن الغد صنيعة هذه اللحظة التي بين أيدينا... وحينما يطرق الموت أبوابنا في أخ نفقده أو صديق نودعه أو أم نحرم من حنانها ورقة قلبها أو أب تنتيقن باليتم بعده وقد بلغنا من العمر ما بلغنا.. ساعتها ندرك تفاهة ما صنعنا في حياتنا حين فوتنا على أنفسنا أن نكون من خيرة الناس، وأن نكون من أكرم الناس وأن نكون من أحلم الناس وأن نكون من أفضل الناس أخلاقا... نعم كان بإمكاننا أن نكون على الصورة التي تتوق إليها الديانات والفلسفات والآداب والفنون... إن نحن عشنا اللحظة التي بين أدينا على صورة أفضل وأجمل.. ولكن ..يا حسرتاه على العباد.. كل عتبة تدق ناقوس الخطر.. ولا من سامع ولا من مجيب...
20 سيبتمبر 2014


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التعبير والتجريد في الشعر الحديث.. بقلم : حبيب مونسي

  كيف كان الشعر العربي..وكيف أصبح؟ ما هي مشكلته اليوم؟ التعبير والتواصل.. التجريد والاغتراب؟ كيف ينظر النقد إلى هذه المعضلة؟ .. ما المخرج إذا؟

التمثيل في القرآن الكريم.

تتناول هذه المداخلة التمثيل في القرآن الكريم باعتباره أسلوبا مشهديا لتقريب المعنى وتجسيده أمام القارئ كما تبين دور التمثيل في فتح الدلالة على آفاق تأويلية متعددة.

نظرية التلقي.. رؤية فلسفية أم منهج؟؟ كيف فهمناها؟؟ بقلم : حبيب مونسي

كثيرا ما صرنا نلهج اليوم بشيء يسمى نظرية التلقي .. ويسعى كثيرا من طلبة الجامعات إلى التقاط هذا العنوان ليكون شارة في دراساتهم.. لكن هل فعلا نعي خطورة ما نقدم عليه؟؟ هل فعلا فهمنا المراد منها؟؟ أم أننا دوما نجري وراء مسميات فارغة نزين بها لوحاتنا البحثية.؟؟

أحاديث في النقد والأدب والفكر..محمولات الألفاظ الثقافية....الحلقة 04.

تتناول هذه الحلقة الحديث عن المحمولات الثقافية التي يكتنزها اللفظ والتي تتراكم فيه عبر الازمنة والاستعمالات فتكون بمثابة المرجع الثقافي والمعرفي الذي يحيل عليه اللفظ. وحينما يستعمل الأديب الألفاظ إنما يريد استثمار تلك المحمولات لترفد المقاصد التي يرومها والمرامي التي يرد للمعنى أن ينفتح عليها.. كما أنها تدفع القارئ إلى تحرك ثرائها لإنتاج المعنى وتحيين النص قراءة وتلقيا..

نقرأ لنكتب أم نكتب لنقرأ؟هل بيننا وبين الغرب في هذا من اختلاف؟ بقلم : حبيب مونسي

هل نقرأ لنكتب؟ أم نكتب لنقرأ؟ ما الفرق بين الوضعيتين؟ هل تقديم القراءة على الكتابة يغير من وضعها؟ هل تأخير الكتابة على القراءة يكشف جديدا في العملية الإبداعية؟ لماذا لا يرى الغرب من وجود للعالم إلا داخل الكتابة؟ ولماذا نراه خارجها؟ هل هذا الفهم يفرض علينا أن نعيد النظر في نظرياتنا النقدية الحداثية؟

حوار حول رواية: مقامات الذاكرة المنسية. مع حبيب مونسي. بقلم : تقار فوزية

مقامات الذاكرة المنسية، الرواية الماقبل الأخير للروائي الناقد الأستاذ حبيب مونسي والتي حظيت بعدد من الدراسات الأكاديمية- رسائل ماجستير ودكتوراه .  إنها الرواية التي حاولت أن لا تشتغل بأساليب السرد الغربية التي شاعت في الكتابات الجديدة،