مقامات الذاكرة المنسية، الرواية الماقبل الأخير للروائي الناقد الأستاذ حبيب مونسي والتي حظيت بعدد من الدراسات الأكاديمية- رسائل ماجستير ودكتوراه. إنها الرواية التي حاولت أن لا تشتغل بأساليب السرد الغربية التي شاعت في الكتابات الجديدة،
مقامات الذاكرة المنسية-رواية حبيب مونسي
حوار أجرته : تقار فوزية -جامعة محمد خيضر بسكرة
1 – أين يتجلى التطابق بين مقامات الذاكرة المنسية و النص الروائي واقعا و متخيلا
كما هو محدد من عنوان الرواية فإن مقامات الذاكرة المنسية تسعى إلى خلق تقاطع فني بين فن المقامات الذي عرفه الأدب العربي قديما وبين فن القص. ومن هنا قامت الرواية على عدد من المقامات المتصلة بين بعضها بعض بحبل القص. أي أنها تحاول استثمار نشاط فني عربي إلى جوار التقنيات المعروفة اليوم في فن القصة والرواية. وعليه فهي تدمج المتخيل في الواقعي باعتبار الواقعي هو الأرضية التي تشتغل عليها وتحاول التأثير فيها وما المتخيل إلا وسيلة من وسائل ضعضعة الواقعي من حيث تجاوز المنطق الذي يحكمه إلى منطق خاص يتحكم فيه المتخيل أيما تحكم. وأنت تقر~ين الرواية تجديد أن المتخيل أكثر جرأة من الواقعي وأشد وقعا منه في المتلقي وأما المتخيل يقول أشياءه بصورة عارية، ويقدم حقائقه على أنها الحقيقة التاريخية التي يتجاهلها الواقع الرسمي أو لا يعرف كيف يفهمهما. إن الشكل غير مهم ما دامت المقامات تعطي إمكانيتين إمكانية التواصل مع الماضي العربي وشخصياته المختلفة واقعية كانت أو متخيلة، وإمكانية الاشتغال على اللغة لأن الرواية أولا عمل لغوي يريد صاحبه أن تخرج اللغة السردية من السرد البارد الخالي من المفاجأة الأسلوبية.. يريد صاحبة العودة إلى اللغة الجميلة الرفيعة التي تمتلك حق الإمتاع كما كانت في عهد الرافعي وطه حسين وجبران والمنفلوطي.. إنه الرهان الذي حملته مقامات الذاكرة المنسية لما قامت بين المقامة والرواية لتأخذ من الأولى بعض هوسها اللغوي ومن الثانية تقنياتها السردية المتقدمة. إن القارئ ليجد في الرواية متعة مضاعفة حينما يستمع إلى حفيف اللغة من جهة وإلى جموح الخيال من جهة أخرى.
2_ لا شك أن الوظيفة الدلالية للاستشراف التعبير عن رؤية مستقبلية و نبوءة قد تتحقق يوما على المستوى الفكري " رغبة البحث عن عالم مثالي في أنفسهم ص97 " أو الواقعي " إنها من صنع الإنسان ... ص 99 " و لكن تبقى مرهونة بشروط معينة .
كما هو محدد من عنوان الرواية فإن مقامات الذاكرة المنسية تسعى إلى خلق تقاطع فني بين فن المقامات الذي عرفه الأدب العربي قديما وبين فن القص. ومن هنا قامت الرواية على عدد من المقامات المتصلة بين بعضها بعض بحبل القص. أي أنها تحاول استثمار نشاط فني عربي إلى جوار التقنيات المعروفة اليوم في فن القصة والرواية. وعليه فهي تدمج المتخيل في الواقعي باعتبار الواقعي هو الأرضية التي تشتغل عليها وتحاول التأثير فيها وما المتخيل إلا وسيلة من وسائل ضعضعة الواقعي من حيث تجاوز المنطق الذي يحكمه إلى منطق خاص يتحكم فيه المتخيل أيما تحكم. وأنت تقر~ين الرواية تجديد أن المتخيل أكثر جرأة من الواقعي وأشد وقعا منه في المتلقي وأما المتخيل يقول أشياءه بصورة عارية، ويقدم حقائقه على أنها الحقيقة التاريخية التي يتجاهلها الواقع الرسمي أو لا يعرف كيف يفهمهما. إن الشكل غير مهم ما دامت المقامات تعطي إمكانيتين إمكانية التواصل مع الماضي العربي وشخصياته المختلفة واقعية كانت أو متخيلة، وإمكانية الاشتغال على اللغة لأن الرواية أولا عمل لغوي يريد صاحبه أن تخرج اللغة السردية من السرد البارد الخالي من المفاجأة الأسلوبية.. يريد صاحبة العودة إلى اللغة الجميلة الرفيعة التي تمتلك حق الإمتاع كما كانت في عهد الرافعي وطه حسين وجبران والمنفلوطي.. إنه الرهان الذي حملته مقامات الذاكرة المنسية لما قامت بين المقامة والرواية لتأخذ من الأولى بعض هوسها اللغوي ومن الثانية تقنياتها السردية المتقدمة. إن القارئ ليجد في الرواية متعة مضاعفة حينما يستمع إلى حفيف اللغة من جهة وإلى جموح الخيال من جهة أخرى.
2_ لا شك أن الوظيفة الدلالية للاستشراف التعبير عن رؤية مستقبلية و نبوءة قد تتحقق يوما على المستوى الفكري " رغبة البحث عن عالم مثالي في أنفسهم ص97 " أو الواقعي " إنها من صنع الإنسان ... ص 99 " و لكن تبقى مرهونة بشروط معينة .
نحن اليوم نعيش عصر النبوءات بشتى أنواعها، نبوءات مسلمة وأخرى مسيحية وأخرى يهودية. هذا إذا حسبنا الديانات السماوية وحدها. وكل نبوءة إنما تتعلق بمصير العالم الذي نعيش فيه. ومن ثم فإن ثقل النبوءة يجعلها ركنا ركينا في كل عمل روائي استشرافي للمستقبل. عندما المهدي المنتظر مثلا، والمسيح عليه السلام، وعندهم كذلك المسيح الخاص بهم، وعندنا ملاحم ستدور رحاها في فلسطين وعندهم كذلك ملاحم ستدور رحاها في فلسطين.. وهكذا تؤطر النبوءة كافة الرؤى المتصلة بالمستقبل. وخطورتها أنها تقرر عندهم خطط النظر في آليات استباق المستقبل، وهي خطط لا نعرف كيف نصل إليها لأننا لا نولي النبوءة اهتماما خاصا ولو على المستوى الأدبي والمتخيل الشعبي. هذه ورطة. ربما عملت الرواية على تمرير خطاب النبوءة بيسر إلى القراء وكشفت لهم عن إمكاني توظيفها على الصعيدين السياسي والاجتماعي كما يفعل الغرب اليوم.. ليست النبوءة مرتبطة بالبحث عن عالم مثالي مستقبلي. كل الإشارات تدل على أن العالم المثالي يقع خلفنا وأننا خلفناه منذ آلاف السنين وراءنا لما كانت البشرية في صباها الأول.. كان ذلك هو العالم الذي أسس الأهرامات وأطلنطيس وحضارة مو، وألنكا وإرم وسبأ وغيرها من العجائب التي يرويها التاريخ في ثوب أسطوري جميل. المستقبل يوم مظلم آت. وكل الرؤى التي تشرئب نحوه تجده مطرزا بالدماء والخراب، ومن ثم فالرحلة إلى الماضي رحلة بحث عن عالم فطري جميل لم تلوثه أفاعيل الإنسان بعد. نحن نعيش في مفرغة قمامة الفكر البشري الذي ظل يتراكم على بعضه بعض منذ آلاف السنين.المقامات تتضمن استباقات منها ما تحقق على مستوى بنية النص و منها ما بقي معلقا . فلماذا هذه البنية المفتوحة التي خلقت حالة انتظار لدى القارئ ؟
المقامات هي رواية لا تعرف النهاية وأنا بصدد تحضير الجزء الثاني منها وهو جزء يعود فيه المسافرون من المستقبل إلى الحاضر في اتجاه معاكس لرحلات الجزء الأول والمراد من وراء ذلك هو خلق نقطة تلاقي بين زمنين لفحص الكائن والمحتمل فيهما. قد يكون الجزء الأول أغرق في المستقبل لأنه يستعمل كافة النبوءات الدينية التي أشرت إليها ليقرأ من خلالها غزو العراق والحرب في اليمن وهدم المسجد الأقصى... لذلك كله كانت بعض الاستباقات في النص الأول مفتوحة لا تقف عند حد لأن كاتبها إنسان مريض مضطرب فهو لا يعرف أين يتوقف وهو يكتب لأنه يظن أن أحد يملي عليه ما يكتب.. والنهاية المفتوحة على هذا النحو هي دعوة للتفكير والتدبر والمشاركة. قد يجد القارئ مجالا ليشارك فيها.
الرواية أعلنت عن استباق صريح في نهايتها ( سأزوره دوما إنه روائي قدير ويجب أن أقرأ الجزء الثاني من قصته ص 233 . فهل سيتحقق هذا الاستباق ام لا ؟
نعم العم حمدان كتب الجزء الثاني إلا أنه لا يزال يمسك بنصه ولا يسلمه لسليم إلا في مطلع الرواية الجديدة وهو النص الذي يحاور النبوءات العلمية والدينية.. إنه نص مثقل بالخلفيات التي تؤسس الفعل الغربي في طرحه لمسألة صدام الحضارات.
كل بطل من أبطال المقامات يصل إلى عالم مثالي و كل الرحلات متشابه تقريبا : ( البحث عن الحقيقة ، المعرفة - الحاجز السحري - وصف المدن الطوباوية ... ) فهل لهذا الوصف التكراري دلالة أخرى غير الوظيفة الجمالية ؟
لا ليس للوظيفة الجمالية وحدها، وإنما القول بأن العالم الذي يحلم به إنسان اليوم قد خلفه وراءه، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: خير القرون قرني ثم الذين يلونه.. أي أننا في تناقص كلما تقدم الزمن أماما وليس التناقص هنا من حيث وسائل المعاش بل العكس هو الصحيح وإنما التناقص من حيث صفاء النفس ونقاوة الحس وجمال المخبر.. إننا نفتقد كل يوم من الإنسان شيئا جوهريا لا يمكن تعويضه. والمدن الطوباوية ليست فكرة ساذجة، وإنما هي فكرة الأنبياء والفلاسفة والمصلحين.. وفكرة حتى سكان الأحياء الذي يريدون لأحيائهم أن تكون نظيفة خالية من الهرج بعيدة عن تسكع المشبوهين.. إنها فكرة متجذرة في أعماق كل واحد منا إلا أنها صعبة التحقق لوجود جرثومة الفساد في الإنسان ذاته. كانت إرم التي لم يخلق مثلها في البلاد ولكن الله دمرها لأنها لم تقم على حق وإنما قامت على باطل ومن أجل علاء باطل وكانت الأهرامات ولكنها قامت شاهدا على استعباد شعب بأسره.. وكل إنجاز نحسبه اليوم إنجازا إنسانيا عظيما إنا يخفي وراءه آلافا من جثث المسحوقين الذي طحنهم التعب والمرض وسياط الزبانية. إن الروائي حين ينشئ عالما طوباويا إنما ينشئ فسحة للأمل المستقبلي أو هكذا يتصور على الأقل.
3- لماذا اخترت الشخصيات الآتية في الرواية :
* شخصية الحبشي ذا الديانة المسيحية أو اليهودية
الأحباش يحملون سمتين تاريخيتين سمة التدين يهودية مسيحية، وسمة البطش، وعلى الرغم من وضعيتهم اليوم التي تبدو متدنية سياسيا واجتماعيا فقد كانت لهم صولة في تاريخهم القديم تقترب من صولة الفراعنة. وتوظيف هذه الشخصية إلتفات إلى هذا العنصر الذي له في الوجدان العربي نقاط تلاقي كثيرة منها: أبرهة الحبشي وعام الفيل، موطن الهجرة الأولى للمسلمين فيها ملك عادل وهذه سمة لا تجدها عند كثير من الملوك ..وحشي قاتل حمزة.. إنه حضور ثقافي وتاريخي وديني قد يعطي ظلالا دلالية يمكن استغلالها في قراءة النص.
• المرأة و بهذه الصورة السلبية ( الساحرة ) و علما ترمز ؟
تعلق السحر في المخيال العربي بالمرأة سحر جمال.. سحر كلام سحر نفث.. والمرأة في بنيتها تلك تسعى إلى إحداث تغيير أيا كان ذلك التغيير. وقد قدمت المرأة ساحرة ليس بالمعنى التقليدي للسحر أبدا وإنما أعتبر السحر في المقامات علما خاصا وقد كان السحر في الحضارات القديمة علما نزل به ملكان من السماء هاروت وماروت وقصتهما معروفة.. والصورة التي قدمتها للمرأة ليست سلبية بمعنى إحداث الضرر مجانا وإنما إحداث التحول في الكائن والموجود. ألم يكن السحر علم الفراعنة ولا تزال ألغازه قائمة إلى اليوم؟ بناء الأهرامات تحنيط الموتى...
* رجال طوال القامة ( في مقامة العم حمدان )
كانت هذه مثلما يقال صفة عاد وقد وصفهم الله بجذوع النخل المنقعر وهنا قبور في حضرموت تشهد على ذلك.. أردت أن تكون القافلة قافلة عاد والمدينة الخراب إرم ولم أذكرها بالاسم . وشداد ابن عاد هو بانيها. أنظري إلى صورها في الأنترنت ترين عجبا.
4- ما مدلول :
* الرقم ستة و الرقم سبعة في الرواية و هل لتوظيفهما بعد آخر ؟
ستة وسبعة من الأرقام السحرية التي اشتغل بها كثير من الأمم وكثير منهم كام لا يحسب إلا ثلاثة وخمسا بعدد الأصابع وستا وسبعا بعدد الأيام ومن ثم فتوظيف هذه الأعداد يزيد من ظلال السحري والأسطوري في النص ويكثف الدلالة ويفتحها على التأويلات الممكنة.
* الأشكال الهندسية : ( مربعة ـ مسدسه ـ مستطيلة ...) في وصف المكان .
الرقم والشكل واحد لأن المربع ما سمي مربعا إلا لأنه يحمل بين أضلاعه أربعة من الزوايا، وكذلك المسدس والمستطيل إنما نعت هكذا ليتميز عن المربع المتساوي الأضلاع، أي إننا مع الأمكنة والأزمة في عالم الأعداد لم نفارقه أبدا، والزمان عدد والمكان عدد وهذه حقيقة فيثاغورية قديمة لأننا لا نتعرف على الزمن إلا من خلال معيار الوقت وهو معيار عددي، وكذلك الشأن بالنسبة للمكان منخلال المساحة ومعياها عددي. غير أن الجديد في الزمان والمكان أنهما حقيقتان نفسيتان قبل كل شيء. لأن الزمن الذي يقضيه السجين في زنزانة ليس هو الزمن الذي يقضيه آخر في معهد تكوين مثلا. والذي يتجول في الصحراء ليس كمثل من تسلق الجبال. إننا وإن تعاملنا مع الأحياز زمنية كانت أو مكانية الأجدر بنا أن نتعامل معها نفسيا وفلسفيا ساعتها سنكون أمام عوالم ذات غرائب وعجائب لا تنتهي.
5- إن نسقي بنية الزمن : نسق الترتيب الزمان و نسق التقنيات السردية يتصفان بالتكامل و بالقدرة على التجاور و التجاوز كبنى دالة متماسكة تجسد رؤية العالم في الرواية ، فهذا التوزيع لم يكن اعتباطيا فمن خلاله تجلت مهارة الروائي في تركيب هذه التقنيات ضمن لعبته السردية
5-1 : لماذا كثفت من استعمال المشاهد الحوارية الداخلية و الخارجية و الوقفات الوصفية مما جعل من إيقاع الزمن بطئ جدا
5-1 : لماذا كثفت من استعمال المشاهد الحوارية الداخلية و الخارجية و الوقفات الوصفية مما جعل من إيقاع الزمن بطئ جدا
حاولت الرواية الجديدة أن تجعل من إيقاعها إيقاعا سريعا أو متسارعا، واستعملت لذلك الحوارات المقتطعة اللاهثة، غير أنني وأنا أكتب الرواية أجد نفسي أمام قارئ قد استرخى في مكانه ليقرأ فلماذا أحمله عبء الجري وراء المقاطع المتضعضعة. إنه في هدوئه واسترخائه بحاجة إلى وتيرة تناسب وطبيعة الأحداث التي ترويها القصة فإن كانت الوتيرة شديدة أسرع النص وإن كانت غير ذلك أبطأ النص والمقاطع الوصفية إنا هي لمو الواقعي الذي يعيش فيه القارئ ليحل محلها واقع القص، إنها تخلق العالم المتخيل خلقا فنيا، ثم هي مجال لحركية اللغة التي تحدثنا عنها من قبل. ففي مجال الوصف تتفتق عبقربة اللغة في بناء عوالم وأحاسيس لا يستطيع الحوار حملها أو التدليل عليها، ولكن الوصف وهو الآلية التي فقدتها الرواية الجديدة بحجة دفع التطويل والحشو فقدت معها قدرة اللغة على بناء المتخيل.
5 – 2 : إننا لا نكاد نقبض على الزمن في الرواية حيث تشظى و تداخل و تكسر أيضا فما هو :
* الزمن الحقيقي للواقع ؟ و هل يمكن تحديد المدة الزمنية التي قضاها البطل في المستشفى ؟
لا ليس ذلك هو مطلب الرواية ولا هدفها سليم أمضى مدة في المستشفى تكفي لإثارة بلبلة فكرية من حوله فقط.
5 – 2 : إننا لا نكاد نقبض على الزمن في الرواية حيث تشظى و تداخل و تكسر أيضا فما هو :
* الزمن الحقيقي للواقع ؟ و هل يمكن تحديد المدة الزمنية التي قضاها البطل في المستشفى ؟
لا ليس ذلك هو مطلب الرواية ولا هدفها سليم أمضى مدة في المستشفى تكفي لإثارة بلبلة فكرية من حوله فقط.
* زمن المتخيل ظ كما أننا لم نعثر على أي إشارة زمنية محددة لمعرفة مدة الاسترجاع و استغراقه، فهل يكون الزمن مطلق و غير محدد ؟
كل رواية تشتغل على الزمان لا تريد أن يفهم عنخها الناس أنها تتعامل مع الزمن بالمعيار الكرونولوجي الذي توقته الساعات ودورة الأفلاك وإنما حديثها عن الزمن سيكون حديث وقع ذلك الشيء على الذات وكيف تحياه وكيف تعاني وطأته، لذكل تركنا الزمن من غير محددات كرونولوجية، تركناه يتقدم يتأخر حسب الحاجة إليه فإن انتقل القص إلى الحاضر شعر القارئ من خلال دلائل مكانية أنه في الحاضر ومن خلال شخوص معينة أنه في الماضي وهكذا تتوارد الأزمنة تباعا ذهابا وإيابا لأن المراد هو تفرغ محمولاتها الفكرية بين المتحاورين فقط إنها ليست موضوع الرواية. لقد صدرت لي رواية جديدة بعنوان العين الثالثة. بطلها الزمان والمكان. في المقامات يحتل الزمان والمكان دورا ثانويا فقط.
6- لماذا عمدت لاستعمال الشخصيات الأسطورية و المرجعية في الرواية ، و أي ديمومة واستمرارية تريد تحقيقها ؟
أولا من قال أن الشخصيات الأسطورية لا وجود لها؟ أنا لا أقصد شخصيات هوميروس في الإلياذة وإنما أقصد شخصيات جلجامش وأنكيدو.. وغيرهم إنها تاريخية فعلا غير أنها تقع في الشطر الأسطوري من التاريخ لأن الأسطورة كانت في زمن ما علم من لا علم لهم. ومرجعيتها تكون أشد دلالة من غيرها. ثم هناك رأي آخر أكثر جرأة يقول إن شخصية روائية متخيلة إذا بلغت حدا من الشهرة والذيوع وعرفها الناس صارت أكثر واقعية وتاريخية من الشخصية التاريخية المغمورة التي لا يعرفها إلا آحاد من الناس.
7- هل في دراسة البنية الزمنية تهمنا أزمنة الشخصيات ؟
نعم لأن كل شخصية إنما هي امتداد زمني ومكاني من نوع خاص، عندما أسمي الجاحظ فبمجرد ذكر اسمه أكون قد فتحت سجل الاعتزال، وتاريخ بغداد في ظل الدولة العباسية، والصراع الدائر بين الشعوبية والإسلام... إن الشخصية سواء كانت تاريخية أو أسطورية إنما هي فضاء يتجلى فيه الزمان ويتحقق فيه المكان وجودا وكيانا.
8- إلى أي مدى تجلت رؤيتك للعالم من خلال الموقعين الزماني ( الواقعي / السحري ) والمكاني؟
العالم بالنسبة إلى ماض وحاضر ومستقبل. العامة من الناس يرونه صراعا يوميا مع المستجد الطارئ سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وأراه جملة انتهت بمعنى أنه بدأ وانتهى وأننا ننشره فقط وكل جيل ينشر الجزء المطوي المتعلق به. نحن اليوم نقوم بنشر الجزء الخاص بنا وفيه نصادف صنيعا لسنا مسؤولين عنه مسؤولية مباشرة وإنما نتلقاه لأننا مرغمين على العيش معه ومحاول التأثير فيه لجعله في صالحنا. نحن نأكل غراس من كانوا قبلنا في الزمن القريب والبعيد والآتون سيأكون ما نحاول غرسه اليوم حلوا كان أو مرا. إنها حقيقة فيها كثيرا من السليبة والتشاؤم ولكنها الواقع لأن المستقبل لاوجود له إلا من خلال الممكن الذي قد نحققه اليوم فإن فتنا استمر المستقبل فينا على هيئة لا نريده فيها، وهو مفروض علينا.
العالم بالنسبة إلى ماض وحاضر ومستقبل. العامة من الناس يرونه صراعا يوميا مع المستجد الطارئ سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وأراه جملة انتهت بمعنى أنه بدأ وانتهى وأننا ننشره فقط وكل جيل ينشر الجزء المطوي المتعلق به. نحن اليوم نقوم بنشر الجزء الخاص بنا وفيه نصادف صنيعا لسنا مسؤولين عنه مسؤولية مباشرة وإنما نتلقاه لأننا مرغمين على العيش معه ومحاول التأثير فيه لجعله في صالحنا. نحن نأكل غراس من كانوا قبلنا في الزمن القريب والبعيد والآتون سيأكون ما نحاول غرسه اليوم حلوا كان أو مرا. إنها حقيقة فيها كثيرا من السليبة والتشاؤم ولكنها الواقع لأن المستقبل لاوجود له إلا من خلال الممكن الذي قد نحققه اليوم فإن فتنا استمر المستقبل فينا على هيئة لا نريده فيها، وهو مفروض علينا.
_ هل من الممكن أن تقدم لنا سيرتك الذاتية المحترمة في بضع أسطر للتعريف بك في المذكرة ولطلبة بسكرة.
أنا من مواليد عام 1957 بزهانة ولاية معسكر تلقيت تعليمي بمدينة سيدي بلعباس ثم التحقت بالتعليم المتوسط ثم الثانوي ثم تحصلت على الماجستير والدكتوراه من جامعة وهران عام 1999 واشتغلت بالتدريس الجامعي في قسم اللغة العربية وآدابها بسيدي بلعباس، ودرست بجامعة الملك سعود بالرياض بالمملكة العربية السعودية ثم عد إلى الوطن وأنا اليوم أزاول التدريس بالجامعة الأصل. هناك سيرة علمية مفصلة في. موقع سيرتي
اهتماماتي
الدراسات النقدية 17 كتابا
الدراسات النقدية 17 كتابا
الرواية 06.
نشر في الموقع بتاريخ : الأحد 5 صفر 1432هـ الموافق لـ : 2011-01-09
التعليقات
معروف محمد آل جلول
الأخت المحترمة.. تقار فوزية
شكرا لك على هذه الأسئلة التي انتزعت ـ في لحظة إفضاء ـ من الروائي أبعاد الرواية في مضامينها وجمالياتها اللامحصورة..
وقد قرأت المنتوج الذي أعجبت فيه كثيرا بالأسلوب والطرح الفكري الراقي العميق..واستشفيت أنه بين الخيال والواقع انقلبت موازين القيم بين الشخصية البطلة ومحيطه..حيث من تمسك بقيم الأصول صار غريبا في مجتمع انسلخ عن مجده..وتاه بسبب الانحرافات الثقافية التي ولدت سلوكا بديلا شائنا مشينا..
وكأن الرؤية الفلسفية للروائي تطرق أبواب الخطر من جراء هذا الانحراف المفروض بفعل الارتباطات المادية والتوق إليها مما ضيع فينا صفة العقل والروح معا..
وإذا بالروائي يتوافق في طرحه بوظيفة النقد الثقافي الذي يطمح إلي إعادة تصحيح ما فسد من سلوك في المجتمعات محترما خصوصياتهم الثقافية..
الأستاذ الدكتور حبيب مونسي قلم جاد في أعماله الفنية والنقدية ..
لذا ننصح القارئ الجاد ،والباحث العازم على قراءة كل ما أتيح له من كتب الناقد القيمة وروايات القاص التي يتكامل فيها جمال الأسلوب مع دقة وجمال المضامين..
فلك كل الشكر..وأرجو أن تواصلي حوارياتك حول ما تبقى من روايات..
أنتظر منك هذا لأن الأستاذ حبيب يرفض أشكال الشهرة والإطراء ،متواضع لايبحث عن الإعلام بقدر بحثه عن قارئ جاد..
بالغ تقديري..
لميس
و الله رواية من أروع ما يكون قرأتها عدة مرات أعجبت كثيرا بالأسلوب الذي اتبعه الكاتب في التطرق إلى كل ما هو شاذ عن عاداتنا و تفاليدنا و أخلاقنا بطرقة منطقية و بسيطة إلى أبعد الحدود مع لمس مواطن الدرء و عالجته بطريقة بسيطة و سردية راقية جدا تطرقت إلى ما هو واقعي بطريقة خيالية غريبة تساعد أكثر على الفهم و التناغم مع الرواية بطريقة عجيبة كما انها تعبر عن أفكار يصعب على الإنسان العادي ترجمتها بلغة سليمة و بألفاظ معبرة كما هو في الرواية
و الله رواية من أروع ما يكون قرأتها عدة مرات أعجبت كثيرا بالأسلوب الذي اتبعه الكاتب في التطرق إلى كل ما هو شاذ عن عاداتنا و تفاليدنا و أخلاقنا بطرقة منطقية و بسيطة إلى أبعد الحدود مع لمس مواطن الدرء و عالجته بطريقة بسيطة و سردية راقية جدا تطرقت إلى ما هو واقعي بطريقة خيالية غريبة تساعد أكثر على الفهم و التناغم مع الرواية بطريقة عجيبة كما انها تعبر عن أفكار يصعب على الإنسان العادي ترجمتها بلغة سليمة و بألفاظ معبرة كما هو في الرواية
حمزة
شكرا على الرواية اروع الروايات .
شكرا على الرواية اروع الروايات .
تعليقات
إرسال تعليق