قال تعالى: ( قُل أَئِنكم لَتَكفرُونَ بِالذِي خَلَقَ الأرضَ في يومَينِ وَتَجعلُونَ لَهُ أَنَداداً ذَلكَ رَبُ العَالمِينَ (9) وَجعلَ فِيهَا رَوَاسي مِن فَوقَها وَبَاركَ فِيهَا وقَدَرَ فِيهَا أَقوَاتهَا فيِ أَربَعة أَياَم سَوَاءً لِلسَائلـِين (10) ثُمَ استَوَى إِلَى الَسَماءِ وَهي دُخَان فَقَالَ لَهَاَ وللأرضِ ائِتيَا طَوعا أو كَرها قَاَلَتَا أَتَينَا طَائِعِين (11) فَقَضَاهُن سَبع سَمَواَت فيِ يَومينِ وَأوحي فيِ كُلِ سَمَاءٍ أَمرهَا وَزَيَنَا السَمَاءَ الدُنيَا بمصابِيحَ وَحِفظَاَ ذَلِكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَليمِ (12).
الملفت والعجيب في هذه الآيات أن الله سبحانه وتعالى خاطب الكافرين. أي أن هذه المعلومات يعرضها الله تعالى للكافرين، إن هذا التفصيل في مسألة الخلق كان للكافرين، لأنهم هم الذين يقولون الآن أن الأرض خلقت من انفجار الشمس، أو اصطدام نجم بالشمس، لهؤلاء الكافرين يفصل الله تعالى قصة الخلق تفصيلا. قال تعالى: (أوَلَم يَرَ الَذِينَ كَفَرُوا أَنَ السَّمَــوَاتِ وَالأرْضِ كَانَتَا رَتَقَا فَفَتقنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أفَلا يُؤمِنُونَ (30) وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (الأنبياء). ومثل قـوله تعـالى: ( أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءها وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعاً لكُم وَلأنَعَامِكُم (33)) (النازعات). هذه الآيات من سور (فصلت، والأنبياء، والنازعات) من اكبر الآيات التي تتحدث عن تفصيل الخلق، وهي كما نري تخاطب الكافرين، لان المؤمنين يؤمنون بالغيب ويؤمنون بالله وبقدرته، بمجرد إيمانهم بالوحي وليسوا في حاجة لإقناعهم بقدرة الله، فهم مؤمنون بذلك، لذا فالله تعالى يعرض هذه الآيات الكونية علي الكافرين إذ لم يؤمنوا بآيات الوحي القرآنية.
أخرج ابن جرير والنحاس وأبو الشيخ والحاكم وصححه مرداويه والبيهقي: أن اليهود أتت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن خلق السموات والأرض. فقال:" خلق الله الأرض في يومي الأحد والاثنين، وخلق الجبال وما فيهن من منافع يوم الثلاثاء، وخلق يوم الأربعاء: الشجر، والحجر، والماء، والمدائن، والعمران، والخراب فهذه أربعة أيام. وخلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة، النجوم، والشمس، والقمر، والملائكة إلي ثلاث ساعات بقين منه فخلق في أول ساعة من هذه الثلاثة الآجال (حين يموت من يموت)، وفي الثانية ألقي فيها مـن كل شيء مما ينتفع به، وفي الثالثة خلق آدم وأسكنه الجنة وأمر إبليس بالسجود له وأخرجه منها في آخر ساعة. قالت اليهود ثم ماذا يا محمد؟ قال: ثم استوي علي العرش. قالوا: قد أصبت لو أتممت، ثم استراح. فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً شديدا، فنزل ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَــوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصِبر عَلَى مَا يَقُولُونَ) ( ق).
وروي أحمد وبن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: قلت يا رسول الله إني إذا رأيتك طابت نفسي، وقرت عيني، فأنبئني عن كل شيء. قال" كل شيء خلق من الماء".
وروي ابن عباس وعن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي: أنه قال تبيانا لقوله تعالى: ( هُو الَذِي خَلَقَ لَكُم مَا في الأرضِ جمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ) (البقرة:29). " أن الله كان عرشه علي الماء، ولم يخلق شيئاً مما خلق قبل الماء. فلما أراد الخلق، أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء فسما عليه (أي علا) فسماه: سماء. ثم ايبس الماء فجعله أرضا واحدة ثم فتقها فجعل سبع أراضين في يومين".
يتبع... تفصيل أطوار الخلق..
تعليقات
إرسال تعليق