01-سبع السموات: كما فصل الله تعالى القول في دحو الأرض
وما أودعه فيها من آيات، فصل عز وجل القول أيضا في خلق السموات وما فيها من آيات،
تفصيلا غاية في البلاغة والتنسيق والبيان.
وفي سبع آيات لا غير يذكر تعالى عدد السموات التي خلقها وهي سبع سموات:
(1) (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ
سَمَوَاتٍ)
(البقرة:29)
(2) (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا
كُنَّا عَنْ الْخَلْقِ غَافِلِينَ) (المؤمنون:17).
(3)( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى
فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) (فصلت:12)
(4)( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنْ
الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) (الطلاق:12)
(5)( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا) (الملك:3)
(6)( أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ
طِبَاقًا) (نوح:15)
(7)( وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا) (النبأ:12).
لقد ذكرت السماء في القرآن 120 مرة والسموات 190 مرة ومن
كل هذه الآيات ذكر الله (سَبْعَ سَمَوَاتٍ) 7 مرات فقط في كل القرآن الكريم. إن التجريبيين لا
يعترفون بالسموات، ولا حتى بسماء واحدة، وهم يطلقون على السماء الدنيا (الفضاء) وقد
طبقت نظرياتهم حرفيا ولم يرد لذكر السموات السبع كلمة واحدة في كل مؤلفات
التجريبيين الكونية، واتبعهم في ذلك علماء المسلمين أو معظمهم. حتى علماء الشرع - منهم
ـ وأنكروا وجود سبع سموات ويعتبرون الرقم (7) هو صيغة مبالغة ويشبهونه بقوله تعالى
(اسْتَغْفِرْ
لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً
فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) (التوبة:80) فالرقم (70) هنا صيغة مبالغة ولا يقصد منه
ذات.
2- سبع أرضين: احتار كثير من العلماء في تفسير هذه
الآية: (اللَّهُ
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمْرُ
بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ
اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) (الطلاق:12).
هذه الآية تخبرنا أن الله تعالى خلق سبع سموات، وخلق من الأرض مثلهن، وكلمة مثلهن
تعنى أنها مثل السموات تماما، ليس فقط في العدد، وإنما أيضا في الشكل والتطابق
والتسوية. إن الله تعالى عندما استوى إلى السماء وهي دخان، سواهن سبع سموات أي:
فتق السماء وجعلها سبعا طباقا، وأصبح بين كل طبقة وأخرى من هذه السبع فراغ، هذا
الفراغ هو السماء والطبقة ذاتها هي أرضية لهذه السماء. فتكون بعد هذا الفصل أو
التسوية أو الفتق سبع سموات من ضمنها السماء التي فوقنا، فهي السماء الدنيا. وأيضا
سبع أرضيات لهذه السموات من ضمنها أرضنا وهي السابعة، لأننا عندما نعد سبع سموات
نعدها من أسفل إلي أعلي أي: سماءنا هذه هي الأولى (السماء الدنيا) إلى أعلى حتى
السماء السابعة، وهي أعلى السموات. أما عندما نعد الأرضين، فإننا نعد من أعلى إلى
أسفل عدا تنازليا، فإن أرضنا تكون الأرض السابعة، فالأرض نزول، فتعد من أعلى أولاً
إلى أسفل. والسماء علوا فتعد من أسفل إلى
أعلى، فأرضنا هي السابعة، لكن السماء فوقنا هي الأولى. وهذه الأرضية سماها رسول
الله صلى الله عليه وسلم (كثف) أي أن السماء عندما فتقت وفصلت وأصبحت
سبعا كان بين كل منها فاصلاً هو هذا الكثف أو هذه الأرضية. فأرضية السماء السابعة
هي أول أرض، وأرضية السماء الأولى (الدنيا) هي سابع أرض. ولأنها السابعة وفي مركز
السماوات والأراضين، فلا يوجد لها مثيل في
السموات السبع ، فالجبال والبحار والأنهار والأشجار والحيوانات والغلاف الجوى
والزروع والثمار والمعادن والثروات والمعايش والأقوات، لا توجد إلا في هذه الأرض.
وهي الوحيدة بهده الصورة، وفوقها ست أراض أخرى تقل الملائكة، وأرضنا هي السفلى تقل
البشر، قال تعالى: (لَقَدْ
خَلَقْنَا الإنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ
سَافِلِينَ (5).
لقـد ذكرت السماء بالجمع أي: سموات 190 مرة ولم تذكر
الأرض بصيغة الجمع مرة واحدة، وقد ورد ذكر الأرض في القرآن 450 مرة كلها بصيغة
المفرد حتى في سورة الطلاق عند ذكر السبع سموات لم تذكر الأرض بصيغة الجمع مثل
السموات بل قال تعالى (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنْ
الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ). وعندما
أعلم الله تعالى الملائكة أنه سيجعل في الأرض خليفة، لم تسأل الملائكة: أي أرض هي؟
فلو كان هناك غير أرضنا هذه لقالت الملائكة أي أرض؟ ولكنهم قالوا بما يفهم من
قولهم أنهم عرفوا الأرض التي يعنيها الله تعالى لا لشيء إلا لأنها أرض واحدة تمت
تهيأتها للبشر (وَإِذْ
قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا
أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ
بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) (البقرة:30).
تعليقات
إرسال تعليق