العالم يتغير ويتحول، وتتحول معه أسباب الاتصال وطرقها، كما تتحول لغاتها وتشفيراتها وقيمها وأحكامها.. تلك حقيقة لا يمكن نكرانها اليوم ولا يمكن تخطيها بالتغاضي عنها او النفور منها أو تجاهلها، واعتبارها مجرد لغط وهرج وضجيج أسواق ودخان مقاهي.. إنها الواقع الجديد الذي يموقع الافتراضي في قلب الحقيقة والواقع على الرغم من أنها منشئته.. فما كان من قبل فضاء للدردشة ولا يزال.. يصير اليوم فضاء لمطارحة الأقاويل وتبادل الآراء، كل ذلك تحدوه سرعات ضوئية تعبر المسافات وتتخطى الحدود ولا تعترف بالخصوصيات الثقافية الجهوية.. تلبس الأقنعة وتتخفى وراء الصور الفنطازية ولكنها قابعة وراء كل ذلك لترفع صوتا مغايرا لما ألفناه في المجلات والصحف والكتب والدراسات.. كنا إذا ردنا أن نقرأ عملا فنيا نبدأ من البداية ونمضي وفق منهج مسطر نتدرج خطوة خطوة، ولا نأبه إذا طال بنا المسار، فلنا خطة السير ولنا المعايير والأحكام التي نستند إليها.. لنا مما كتب غيرنا ما نشد به أزرنا ونقوي به رأينا ونستوضح وجهتنا، فلا نكون في أحكامنا فرادى وإنما يصدر الحكم النقدي وكأنه صادر عن هيئة ثقافية لها ما يشبه الوحدة والاجماع.. أما اليوم.. وبلغة اليوم.. فلا شيء من ذلك ممكن التنفيذ، لأننا لن نكتب المقال الطويل ولن نمضي من البداية إلى النهاية.. ولن نسمي المنهج الذي نختار.. وإنما نسجل عصارة ما وصلنا إليه في لغة تتناسب طردا وفضاء التواصل الفيسبوكي ليخرج النقد في "ورقة" .. أسميها "ورقة" تجمع رأي الناقد الذي قرأ استنادا إلى معرفة "أكاديمية" واطلاع واسع.. وهذا الأمر يستوجب موقفا أخلاقيا من طرف المبدع والقارئ على حد سواء.. وهو "قبول الرأي النقدي" واعتباره "نقدا عارفا" والاطمئنان إلى حكمه باعتباره حكما "علميا صادرا عن هيئة علمية ذات اتجاه نقدي وجمالي" يمثل هذا الناقد أو ذاك.. من خلال أبحاثه ودراساته المنشورة والمشهود لها في المنابر العلمية... تلك هي الضمانة الوحيدة لإنجاح مثل هذا النقد وإحلاله مكانة في الحراك الثقافي الدائر بيننا اليوم. أما إذا بخسنا حق الناقد، وسخرنا من حكمه، وشككنا في قدرته لمجرد أن الحكم لم يصادف هوانا في مسألة من المسائل فقد أبطلنا العملية من أساسها وفوتنا على أنفسنا فرصة استغلال هذا الفضاء بما يخدم قضية أدبنا الجزائري الجديد..
العقد الفريد.. مدونة في الأدب والنقد والفكر.. نحاول أن نضع فيها ما يوضع في العقد الفريد من جواهر حسان مما صاغته أيدي الأدباء والشعراء والكتاب والمفكرين.. ليكون فضاء للتفاعل والمثاقفة...
تعليقات
إرسال تعليق