التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تملات.. بارت... يقيم جنازة المؤلف.. ليحل محله شبح الناسخ... يكتبها حبيب مونسي



يقيم بارت جنازة المؤلف من غير مقدمات تقنعنا بما ذهب إليه.. فقط يقول: (لقد دفن الناسخ الحديث المؤلف ) لينتقل بعدها إلى الحديث عن هذه الشخصية الغريبة التي ابتدعها وسماها الناسخ، ليقول عنها، وكأنه خبرها واكتشف حقيقتها: (لم يعد "هذا الناسخ" يعتقد أن يده بطيئة جدا في مجاراة فكره وانفعاله) لأن هذا الشعور كان يؤرق الكاتب الحق الذي يتعثر القلم وراء أفكاره وانفعالاته. والذي اجتهدت الحداثة في وأده، وسلب شرف مكانته بين الناس. أما هذا المخلوق العجيب فيده: (مطلقة من كل صوت، وهي إذ تحمل حركة التسجيل وليس التعبير، فإنها تقص أثر حقل من غير أصل، أو على الأقل، إنه حقل ليس له أصل آخر سوى اللغة نفسها.) إنه يكتب اللغة فقط، لغة ليست لها من مرجع تعود إليه، وليس من أصل تتكئ عليه، لأنها بكل بساطة: (لا تتوقف عن وضع كل أصل موضع الشك).. والناتج عن هذا الشك المتأصل لدى الناسخ سيكون نصا؟؟ وأي نص؟ يقول بارت في سحره الجديد، وبكل ثقة متعالية.. تلك الثقة التي تسم كتابات النقاد الجدد وكثير من الحداثيين : ( إننا لنعرف الآن أن النص ليس سطرا من الكلمات، ينتج عنه معنى أحادي، أو ينتج عنه معنى لاهوتي "لرسالة" جاءت من قبل الله. ولكنه فضاء لأبعاد متعددة، تتراوح فيها كتابات مختلفة، وتتنازع، دون أن يكون أي منها أصليا.) فالنص فضاء.. ما أوسع هذا التمييع، لأنه سيكون فضاء حيرة، وتردد، وتيهان.. فلا معلم ولا شارة ولا دليل، لأن النص أخيرا: (نسيج لأقوال ناتجة عن ألف بؤرة من بؤر الثقافة.. ) أي "اللغو" بكل أبعاده المأساوية..
(رولان بارت- نقد وحقيقة- موت المؤلف- ت. منذر عياشي- ص: 21- مركز الإنماء الحضاري 1994.)

يتبع..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التعبير والتجريد في الشعر الحديث.. بقلم : حبيب مونسي

  كيف كان الشعر العربي..وكيف أصبح؟ ما هي مشكلته اليوم؟ التعبير والتواصل.. التجريد والاغتراب؟ كيف ينظر النقد إلى هذه المعضلة؟ .. ما المخرج إذا؟

التمثيل في القرآن الكريم.

تتناول هذه المداخلة التمثيل في القرآن الكريم باعتباره أسلوبا مشهديا لتقريب المعنى وتجسيده أمام القارئ كما تبين دور التمثيل في فتح الدلالة على آفاق تأويلية متعددة.

نظرية التلقي.. رؤية فلسفية أم منهج؟؟ كيف فهمناها؟؟ بقلم : حبيب مونسي

كثيرا ما صرنا نلهج اليوم بشيء يسمى نظرية التلقي .. ويسعى كثيرا من طلبة الجامعات إلى التقاط هذا العنوان ليكون شارة في دراساتهم.. لكن هل فعلا نعي خطورة ما نقدم عليه؟؟ هل فعلا فهمنا المراد منها؟؟ أم أننا دوما نجري وراء مسميات فارغة نزين بها لوحاتنا البحثية.؟؟

أحاديث في النقد والأدب والفكر..محمولات الألفاظ الثقافية....الحلقة 04.

تتناول هذه الحلقة الحديث عن المحمولات الثقافية التي يكتنزها اللفظ والتي تتراكم فيه عبر الازمنة والاستعمالات فتكون بمثابة المرجع الثقافي والمعرفي الذي يحيل عليه اللفظ. وحينما يستعمل الأديب الألفاظ إنما يريد استثمار تلك المحمولات لترفد المقاصد التي يرومها والمرامي التي يرد للمعنى أن ينفتح عليها.. كما أنها تدفع القارئ إلى تحرك ثرائها لإنتاج المعنى وتحيين النص قراءة وتلقيا..

نقرأ لنكتب أم نكتب لنقرأ؟هل بيننا وبين الغرب في هذا من اختلاف؟ بقلم : حبيب مونسي

هل نقرأ لنكتب؟ أم نكتب لنقرأ؟ ما الفرق بين الوضعيتين؟ هل تقديم القراءة على الكتابة يغير من وضعها؟ هل تأخير الكتابة على القراءة يكشف جديدا في العملية الإبداعية؟ لماذا لا يرى الغرب من وجود للعالم إلا داخل الكتابة؟ ولماذا نراه خارجها؟ هل هذا الفهم يفرض علينا أن نعيد النظر في نظرياتنا النقدية الحداثية؟

حوار حول رواية: مقامات الذاكرة المنسية. مع حبيب مونسي. بقلم : تقار فوزية

مقامات الذاكرة المنسية، الرواية الماقبل الأخير للروائي الناقد الأستاذ حبيب مونسي والتي حظيت بعدد من الدراسات الأكاديمية- رسائل ماجستير ودكتوراه .  إنها الرواية التي حاولت أن لا تشتغل بأساليب السرد الغربية التي شاعت في الكتابات الجديدة،